اختلفت توقعات خبراء اقتصاديين ومصرفيين حول قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة في اجتماعها المقرر غدا الخميس.
وكان البنك قد أبقى الشهر الماضي على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 19.25% و20.25% على الترتيب، في حين يبلغ سعر الائتمان والخصم والعملية الرئيسية للبنك المركزي 19.75%.
وقال أيمن محمد رئيس قطاع التمويل العقاري بالمصرف المتحد إن المؤشرات تتجه نحو رفع سعر الفائدة الرئيسي، في حدود من اثنين إلى 3% وفقا لـ”وكالة أنباء العالم العربي”.
وأضاف أن التحرك يشكل محاولة من البنك المركزي لسحب السيولة الكبيرة لدى الأفراد ومواصلة السيطرة على معدلات التضخم، إلى جانب التوقعات بقرب خفض جديد لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
وقال إن “بعثة صندوق النقد الدولي أجرت مباحثات موسعة مع المسؤولين في مصر وأعتقد أنهم توصلوا إلى تفاهمات بشأن حزمة جديدة من المساعدات”.
كانت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية قالت في تقرير حديث إنه بعد زيارة مسؤولين في صندوق النقد الدولي لمصر خلال الأسبوع الماضي لمناقشة حزمة تمويل جديدة، ورغم عدم الإعلان عن تفاصيل، فإن الزخم يتزايد سريعا وثمة احتمال بأن يتم الكشف عن اتفاق جديد مع الصندوق تزامنا مع خفض لقيمة الجنيه أمام الدولار في وقت قريب من اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي.
وتشير التكهنات إلى أن الصفقة الجديدة يتراوح حجمها بين ثمانية مليارات و12 مليار دولار مقارنة مع الاتفاق الأصلي البالغة قيمته قرب ثلاثة مليارات دولار، وفقا لتقرير كابيتال إيكونوميكس.
وأكد محمد على أن الالتزام بسعر صرف مرن للجنيه أحد الشروط التي لا يمكن أن يتنازل عنها الصندوق للموافقة على زيادة حجم القرض.
وقال “الحكومة في حاجة ماسة لإقرار القرض الجديد في ظل تأثر مصادر النقد الأجنبي بسبب الظروف الدولية والإقليمية، خاصة مع تأثر إيرادات قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج”.
وتعاني مصر نقصا في العملة الأجنبية وخفضت سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري نحو 50% منذ مارس 2022 ووقعت على حزمة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022.
من جانبه توقع الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن ترفع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعها غدا بهدف السيطرة على معدل التضخم، ومحاولة خفضه لتحسين وضع الاقتصاد المصري أمام وكالات التصنيف الائتماني.
وتوقع علي الإدريسي أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري رفع الفائدة بنسبة من واحد إلى ثلاثة بالمئة، بالتوازي مع خفض جديد لسعر صرف الجنيه.
وقال: “هناك توجه لتعويم جديد للجنيه، لذا من المؤكد أنه سيكون هناك رفع لسعر الفائدة لزيادة الطلب على الجنيه المصري مما يسمح بطرح أذون خزانة لجمع تمويل مطلوب”.
وقال الإدريسي إن وجود أكثر من سعر لصرف الدولار دفع المصريين في الخارج إلى التعامل مع السوق الموازية ما تسبب في انخفاض تحويلاتهم عبر القنوات المصرفية الرسمية بنسبة كبيرة خلال الفترة الماضية.
ويرى أستاذ الاقتصاد أن من الضروري أن تضع الحكومة خطة لمشروعات قصيرة الأجل لتحقيق عائد سريع، والبعد عن المشروعات طويلة الأجل، مشددا على ضرورة أن يكون الاقتراض للضرورة القصوى، لكون الاقتصاد المصري لا يتحمل المزيد من الاستدانة.
من جانبه توقع عضو الهيئة الاقتصادية الاستشارية لمركز مصر للدراسات أحمد شوقي أن يتجه البنك المركزي لتثبيت سعر الفائدة، وأرجع ذلك إلى أن التضخم ناتج عن ارتفاع سعر الدولار، وكذلك عدم التوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد وهو ما يؤخر اتخاذ خطوة لخفض جديد لقيمة الجنيه.
وقال شوقي “معدل التضخم ارتفع بشكل كبير، رغم رفع الفائدة بنحو ثلاثة بالمئة خلال الفترة الأخيرة … الآن التضخم يشهد تباطؤا نسبيا خلال الأشهر القليلة الماضية ما يجعل رفع الفائدة لاحتواء التضخم خطوة غير سديدة”.
وتابع أنه لا يتوقع رفع الفائدة إلا بالتزامن مع التوصل لاتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي مضيفا أن ذلك لا يزال بحاجة إلى بعض الوقت.
وقال الخبير المصرفي محمد كمال إنه يتوقع تثبيت سعر الفائدة خلال اجتماع الخميس وأرجع ذلك إلى تباطؤ معدل التضخم خلال آخر شهرين من 2023.
وأضاف أن التوقعات تشير إلى استمرار تراجع معدل التضخم خلال عام 2024، نتيجة لرفع أسعار الفائدة في السابق وإجراءات أخرى لضبط السياسة المالية.
وسجل التضخم في المدن المصرية 33.7 بالمئة في ديسمبر كانون الأول الماضي انخفاضا من 34.6 في نوفمبر تشرين الثاني، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه يتوقع تحرير سعر الصرف في مرحلة ما لمواجهة السوق السوداء، التي ارتفع سعر الدولار فيها إلى أكثر من مثلي السعر الرسمي في البنوك.
وقال الدكتور هاني أبو الفتوح رئيس شركة الراية للاستشارات إنه في ضوء البيانات الاقتصادية المتاحة، فإن هناك توقعات قوية بتثبيت أسعار الفائدة هذا الأسبوع.
وأرجع أبو الفتوح ذلك إلى عدة عوامل، منها تراجع معدل التضخم في مصر خلال شهري نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول الماضيين، بالإضافة إلى توقعات باستمرار انحسار التضخم في المستقبل.
وأضاف أبو الفتوح أنه على الرغم من توقعه بتثبيت الفائدة، فهناك بعض العوامل التي قد تدفع المركزي المصري لرفع الفائدة مستقبلا منها حال ارتفاع معدلات التضخم في المستقبل.
وتابع أنه إذا تم خفض قيمة الجنيه كما هو متوقع على نطاق واسع، فقد يضطر البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة اثنين إلى ثلاثة بالمئة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ومنع الدولرة أو اللجوء إلى الذهب كملاذ للتحوط من تآكل قيمة المدخرات بفعل التضخم و ضعف العملة.
المصدر : العربية