أعربت 19 دولة مؤخراً عن اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة بريكس، ومن ضمن هذه الدول، 5 دول عربية، تزامناً مع استعداد المجموعة للانعقاد يونيو المقبل في جنوب أفريقيا، وهو الاجتماع الذي قد يمثل خطراً على مستقبل الدولار، ويعزز من حركة التخلي عنه عالمياً، وفقاً لوكالة بلومبرج.
وأكد أنيل سوكلال، سفير جنوب أفريقيا لدى بريكس، أن الأسواق الناشئة في البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، سوف تجتمع في كيب تاون يومي 2 و3 يونيو المقبل لمناقشة توسيع مجموعة بريكس، وآليات حدوث ذلك، مشيراً إلى أن هناك 13 دولة طلبت الانضمام رسمياً للمجموعة فيما طلبت 6 دول أخرى بشكل غير رسمي، والمجموعة تتلقى طلبات للانضمام كل يوم.
وقال سوكلال أن وزراء خارجية الدول الأعضاء الخمس في بريكس، أكدوا حضورهم مناقشات يونيو، للتباحث حول النقاط الساخنة التي تدور على الساحة الآن، بما في ذلك السودان، مشيراً إلى أن السعودية وإيران من ضمن الدول التي طلبت الانضمام رسمياً للمجموعة فبراير الماضي، كما أعربت الأرجنتين والإمارات العربية المتحدة والجزائر ومصر والبحرين وإندونيسيا، إلى جانب دولتين من شرق أفريقيا وواحدة من غرب أفريقيا، عن اهتمامها بالانضمام للمجموعة.
وأعطت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، مؤشرات واضحة بأن الدولار ينتظره مستقبل غامض، مع الأخذ في الاعتبار مدى قدرة التكتلات الاقتصادية المجتمعة في بريكس على إحلال عملة أخرى مكان الدولار، فقد أكد لافروف أن اجتماع بريكس في يونيو سوف يناقش إنشاء عملة موحدة بين الدول الأعضاء.
وكان جوزيف سوليفان، المستشار السابق في البيت الأبيض، قد أكد أن التخلي عن الدولار الأمريكي يمكن أن يصبح حقيقة واقعة، حيث أن عملة بريكس الجديدة البديلة للدولار قد تتمتع بفرص نجاح عالية، وذلك حسب تصريحاته في مجلة فورين بوليسي الأمريكية.
وقال جوزيف سوليفان، الذي عمل كخبير اقتصادي في مجلس البيت الأبيض للمستشارين الاقتصاديين خلال إدارة ترامب، الثلاثاء الماضي، إن العملة الصادرة عن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ستشكل تهديدًا فريدًا لهيمنة الدولار.
وعند إضافة مساعي دول بريكس في إبعاد الدولار عن عمليات التبادل التجاري عالمياً، وإفقاده قيمته، في إطار حرب اقتصادية بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، إضافة إلى خروج الدولار بالفعل من كونه عملة الاحتياطي العالمي تدريجياً، نجد أن العملة الأمريكية ينتظرها مستقبل أسوأ.
فقد تعرض الدولار لضغوط وتراجعت في حصته من احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية عالميًا، وذلك منذ طرح العملة الأوروبية الموحدة اليورو عام 1999، وبلغت حصة الدولار في الاحتياطي الأجنبي للبنوك المركزية عالميا عام 2022 الماضي 58%، ومن المتوقع أن تنخفض حصته لـ 40% حال انخفاض نسبة مساهمته في التجارة الدولية من 50% إلى 33%، بعدما كان الدولار يسيطر على النسبة الأكبر من الاحتياطي الأجنبي في البنوك المركزية عالميا عام 1999 والتي كانت تمثل حوالي 71%، وتقلصت عام 2014 إلى 66%.
إضافة إلى هذه الاحصائيات، فقد شهدت الفترة الماضية، إجراء العديد من عمليات التبادل التجاري بعملات أخرى غير الدولار، حيث توالت اتفاقيات التبادل التجاري، متخلية عن الدولة، وجاءت كالتالي:
- سعرت الصين وفرنسا، شحنة غاز إماراتية بلغ حجمها 65 ألف طن غاز طبيعي، بالعملة الصينية اليوان.
- اتفقت البرازيل والهند مع الصين على أن يكون التبادل التجاري بينهما باليوان.
- تتحرك دول أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية، لتنويع سلة عملاتها بعيدا عن الدولار.
- بدأت الهند في تسديد واردات النفط الروسي، بالدرهم الإماراتي بدلا من الدولار، رغم أن العملة الإماراتية مرتبطة بالدولار.
ومن ناحية أخرى، قال رئيس البنك المركزي الفلبيني، فيليبي ميدالا، في تصريحات سابقة، إن هيمنة الدولار الأمريكي سوف تتلاشى أكثر فأكثر بمرور الوقت، وذلك على هامش مؤتمر الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.
كان سبب تماسك وقوة الدولار في السابق، هو تسعيره وربطه بالنفط، فكانت المعاملات النفطية لا تتم إلا بالدولار، وظل هذا الوضع قائما منذ عام 1971، حين تم فك ارتباط الدولار بالذهب، واليوم، تبدو المؤشرات واضحة، حيث تتحول دول العالم لإتمام صفقات التبادل بينها بعملات أخرى، ورغم أن هذه التحركات التي تنذر بما يسمى “حرب العملات”، متسارعة، إلا أن تأثيرها لم يظهر بالشكل المدمر حتى الآن.
المصدر : بلومبرج