استبعدت بنوك استثمار ومصرفيين اتخاذ البنك المركزي المصري قراراً قريباً بخفض أسعار الفائدة على الجنيه.
ورهنوا التخلي عن سياسة التشديد النقدي بالتغير في عدة مؤشرات اقتصادية، أبرزها معدلات التضخم وتحقيق فائض في صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بحسب العربية.
وقرر البنك المركزي المصري منذ أيام الإبقاء على سعر الفائدة لأول مرة منذ بداية العام الحالي، إذ سبق أن اجتمع البنك مرتين هذا العام؛ ورفع سعر الفائدة 2% في فبراير، ثم رفعها 6% دفعة واحدة في اجتماع استثنائي مارس الماضي.
واستبعد كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات السوق بشركة كايرو كابيتال سيكيوريتيز، هاني جنينة خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة قبل اجتماع سبتمبر المقبل بنسبة تصل لـ 2%.
جنينة أكد لـ” العربية Business” على أن تراجع التضخم بشكل ملحوظ أهم محرك لقرار المركزي بالبدء في خفض الفائدة.
وتوقع جنينة استمرار مستويات التضخم السنوي عند مستوي 28%، على أن تبدأ في التراجع شهريا بمعدلات أكبر خلال النصف الأول من عام 2025.
وانخفض التضخم العام والأساسي في مصر إلى 32.5% و31.8% على الترتيب، في أبريل الماضي، وذلك نتيجة الأثر الإيجابي لمدة الأساس في خفض معدلات التضخم خلال 2024 بسبب فترات التضخم المرتفعة خلال 2023.
ومن جانبه قال المحلل المالي الأول ببنك الاستثمار النعيم، هشام حمدي، إن معدلات التضخم ستأخذ اتجاها نزوليا من الآن وحتى النصف الأول من العام المقبل، وذلك تأثرا بسنة الأساس.
“على الرغم من التراجعات المتتالية المتوقعة للتضخم، إلا أنها ستظل بعيدة عن مستهدفات البنك المركزي التي تتراوح بين 5 و9%”، وفقا لحمدي.
ورهن المحلل المالي بالنعيم خفض الفائدة العام الحالي أيضا بتحول صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي للموجب أي تحقيق فائض، بديلا عن العجز الحالي والبالغ 36 مليار جنيه.
وتوقع تقرير للبنك المركزي، أن يشهد معدل التضخم اعتدالا خلال عام2024 مع انحسار الضغوط التضخمية، على أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025، نتيجة تضافر عدة عوامل ومنها تقييد السياسة النقدية، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي، والأثر الإيجابي لسنة الأساس.
رفع الدعم يعرقل تراجع الأسعار
وقال جنينة إن احتمالية تطبيق زيادة جديدة في أسعار المحروقات (البنزين والكهرباء، والغاز الطبيعي للمصانع)، بخلاف تحريك الدعم على الخبز، سينعكس على معدلات التضخم التي ستصل ذروتها في شهري يوليو وأغسطس المقبلين.
وتوقع أن تتسبب هذه الزيادة في تقليص تأثيرات سنة الأساس على معدلات التضخم، وتدفع المركزي للتمسك بمعدلات فائدة مرتفعة.
واتفق مع هشام حمدي في توقعات تزايد الضغوط التضخمية حال رفع الدعم على بعض الخدمات والسلع كالخبر والكهرباء والبنزين المدة المقبلة.
وكلف رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي وزير الكهرباء بوضع خطة أخرى لمدة 4 سنوات لتحريك أسعار الكهرباء تدريجيا؛ لتظل الفئات الأقل استهلاكا مدعومة بصورة كبيرة، بحسب تصريحات أمس عن مجلس الوزراء المصري.
وقالت رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار زيلا كابيتال، آية زهير، إنه في حالة تطبيق الحكومة لزيادات على أسعار الكهرباء أو البنزين أو غيرها من أشكال الطاقة، سيؤخر قرار البنك المركزي بالإقدام على قرار خفض الفائدة في وقت قريب.
وتوقعت أن يكون قرار خفض الفائدة في الربع الأول من عام 2025، إلا في حال حدوث تراجع ملحوظ في التضخم في الربع الأخيرة من العام الحالي.
تجفيف السيولة لتسهيل المهمة
يتبنى البنك المركزي المصري عدة آليات لمحاصرة معدلات التضخم التي شهدت تفاقماً غير مسبوق، وذلك من خلال تعديل آلية سحب فوائض السيولة، لتقبل كامل المعروض من البنوك، لمنع تزايد القوة الشرائية ومجابهة التضخم.
وأكد جنينة على أنه حال استمرار البنك المركزي في سحب فوائض سيولة البنوك، وكذلك الحفاظ على استقرار سعر الصرف، سيسهل قرار التخلي عن سياسة التشديد النقدي.
ومن جانبه أكد هشام حمدي على أهمية آلية الودائع الأسبوعية المربوطة ذات الفائدة الثابتة في منع تدفق السيولة الزائدة للاقتصاد، بهدف تقليص معدلات التضخم والدفع بقرارات نقدية تيسيرية.
وعزى أهمية هذا الإجراء في الوقت الحالي إلى تقليص وزارة المالية لطلبات الاقتراض، والتركيز على سداد جزء من الديون في شهري مايو وأبريل، مما زاد من أهمية هذه الآلية في توفير فرصة توظيف جيدة للبنوك.
وسحب البنك المركزي المصري في آخر عطاء للوديعة الأسبوعية ذات العائد الثابت 1.19 تريليون جنيه كفوائض سيولة معروضة من 32 بنكا بفائدة 27.75%
تحركات الفائدة عالميا
وربطت آية زهير بدء المركزي المصري بخفض الفائدة بأداء معدلات التضخم عالميا ومحليا، مضيفة أنه حتى ولو انخفض معدل التضخم محليا نتيجة سياسة البنك المركزي لسحب السيولة من عدة مصادر، إلا أن معدل التضخم العالمي والتوترات السياسية يضعها البنك المركزي في الحسبان قبل اتخاذ قرار بشأن الفائدة.
وأشارت إلى أنه من المبكر أن تلجأ السياسات النقدية في مصر بخفض للفائدة، خاصة أن الفيدرالي الأميركي لم يتخذ القرار بعد، مؤجلا هذه الخطوة حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي.
تابعت: في أغلب الأحيان يكون قرار تحريك سعر الفائدة في مصر والأسواق الناشئة بعد قرار الفيدرالي الأميركي بفترة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر، لمتابعة التداعيات، خاصة أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات خاصة.
وأكد حمدي على ارتباط قرار السياسة النقدية في مصر بالظروف العالمية، وتحركات الفيدرالي الأميركي نحو خفض الفائدة، مع متابعة الأسعار عالميا، متوقعا أن تكون قرارات المركزي المصري حذرة للغاية.
المصدر : العربية