قالت إنتربرايز إنه لا يخفى على أحد أن العديد من الشركات الناشئة المصرية، خاصة تلك التي جمعت ملايين الدولارات من التمويل، مسجلة في الخارج.
وأشارت النشرة اليومية ، إلى انه على الرغم من عدم وجود أرقام أو إحصاءات دقيقة ترصد هذه الظاهرة، إلا أن لاعبي الصناعة يتفقون على أن هذا الاتجاه يكتسب المزيد من الزخم، لا سيما في ظل نقص العملة الأجنبية في البلاد.
ويتحكم المستثمرون عادة في قرار تأسيس مقر في الخارج، وليس مؤسسي الشركات الناشئة أنفسهم، وهو مدفوع بشكل أساسي بالعوامل التنظيمية والتشريعية، فضلا عن تسهيلات الدفع، وفقا لعدة مصادر تحدثنا إليها.
كيف يحدث ذلك؟
تؤسس الشركات الناشئة عادة شركاتها القابضة في ولايات قضائية أخرى، وتعتبر ديلاوير وجزر العذراء البريطانية من بين أكثر المواقع شيوعا. تمتلك هذه الشركة القابضة جميع فروع الشركة في شكل شركات تابعة حول العالم ويدفع كل فرع ضرائب في ولايته القضائية المحلية.
تعمل الشركات الناشئة في مصر لأن نفقات التشغيل أرخص كثيرا، في حين أن تواجد الشركة الأم في الخارج يجعل الأمر أسهل لأغراض أخرى. تتواجد الشركة القابضة في الخارج لأغراض الاستثمار والاستراتيجية، بينما تجري العمليات الرئيسية في مصر.
لماذا تعمل الشركات تحت شركة قابضة في ولاية قضائية أخرى؟
هناك العديد من الأسباب، منها:
1- أدوات التمويل البديلة:
هناك العديد من أدوات التمويل البديلة التي ظهرت في جميع أنحاء العالم، لكن مصر لا تزال تفتقر إلى الأطر التنظيمية للعديد منها حتى الآن، مما يجعل من الضروري للشركات التي تسعى إلى الحصول على هذه الأنواع من الاستثمارات أن يكون لها وجود قانوني في ولاية قضائية مختلفة. “خيار تسجيل شركتك في مصر جيد عندما تبدأ العمل، ولكن إذا كنت ترغب في جمع التمويل من مستثمري رأس المال المغامر الدوليين والإقليميين، فإن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي أن تكون الشركة غير مصرية حتى تتمكن من التوقيع على سندات قابلة للتحويل وآليات مالية أخرى خلال جولات التمويل”، حسبما قال أحد مؤسسي شركة ناشئة لتقديم البرمجيات كخدمة، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، لإنتربرايز.
2- اللوائح التنظيمية:
بينما يغطي قانون الاستثمار المصري بعض اللوائح المهمة للشركات الناشئة، مثل اتفاق الشروط (التي تلخص شروط الاستثمار المحتمل) واتفاقيات المساهمين، إلا أنها تفتقر إلى الآلية التنفيذية لتلك الاتفاقيات.
ماذا يعني ذلك فعليا؟
لنفترض أن جميع المساهمين وقعوا على شرط السحب في اتفاقية المساهمين، على سبيل المثال، والذي ينص على أن مساهمي الأغلبية يمكنهم إجبار مساهمي الأقلية على الانضمام إلى عملية البيع.
في الولايات القضائية الأخرى، إذا ظهرت عملية بيع، فسيتم تنفيذها بالطريقة التي تحددها الاتفاقية، وسيتعين على مساهمي الأقلية البيع. أما في مصر، تعتبر أسهم الأقلية هذه أصولا لمساهمي الأقلية الذين يتعين الحصول على موافقتهم على البيع من أجل إتمامه، وبالتالي يعارضون الاتفاقية، وفقا لمحمد رسلان الشريك الرئيسي في شركة ليفاري للمحاماة.
وتواصل الجهات الرقابية المعنية بالاستثمار والخدمات المالية والتكنولوجيا العمل منذ أواخر ربيع العام الماضي العمل على تغييرات في البنود في اتفاقيات المساهمين، كتلك الخاصة بشروط السحب، واجبة النفاذ هنا في مصر. (هنا وهنا)
وعندما يتعلق الأمر بتوسع الشركة الناشئة، فإن الجوانب القانونية تصبح أكثر تعقيدا. “عندما أرغب في توسيع شركتي القابضة دوليا وتوظيف أشخاص في أوروبا والمملكة العربية السعودية ودول أخرى، فإن إدارة الهيكل القانوني للعديد من الشركات من مصر أمر صعب للغاية”، حسبما قال أحمد خيري المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة برامج إدارة الولاء جيم بول. “هنا نرى سهولة الاتجاه نحو إنشاء الشركة القابضة في الخارج”.
3- منظومة الضرائب أكثر فعالية في الخارج
وفقا لخيري، الذي أشار إلى أن تلك المنظومة بالخارج تجعلمن السهل للمستثمرين الإقليميين والدوليين تقليل الضرائب على الأرباح الرأسمالية عندما يريد المستثمرون التخارج – إذ لا يحتاجون إلى دفع ضرائب على الأرباح الرأسمالية إذا كانت الشركة مسجلة في ولاية ديلاوير، على سبيل المثال. لكن في مصر، عند خروجك من شركة، تطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 22.5% على الأرباح المحققة في الصفقة، وفقا لرسلان.
4- سهولة تحصيل المدفوعات
بالنسبة للشركات الناشئة التي تقدم خطط اشتراك ذات مدفوعات متكررة، يصبح من الصعب تحصيل رسومها، وفقا لخيري. “كنت بحاجة إلى مقر في ولاية ديلاوير حتى أتمكن من استخدام منصة ستريب لقبول المدفوعات المتكررة من العملاء على مستوى العالم”، حسبما أخبرنا خيري.
5- مشكلات تتعلق بأسعار الصرف
المستثمرون يتجنبون “التقلبات في سعر الصرف”، بحسب ما قاله خيري. إلى جانب ذلك، فإن القيود التي أعلنها البنك المركزي مؤخرا على الإنفاق في الخارج باستخدام بطاقات الائتمان تسببت في مشكلات للعديد من الشركات الناشئة – لا سيما تلك التي تكون معظم عملياتها في مصر وتكون إيراداتها مقومة بالجنيه.
كما أن كبرى مزودي الخدمات التكنولوجية التي يتعين على كافة الأعمال التعامل معها – مثل أمازون، وجوجل، ومايكروسوفت، وميتا، وغيرها الكثير – كلها تطالب بالسداد بالدولار. سنتعمق في هذه المشكلة، وكيف تتكيف الشركات الناشئة معها في الجزء الثاني من هذه السلسلة.
المصدر : إنتربرايز