تحولت الضغوط التي كان يمارسها صندوق النقد الدولي على كل من مصر وتونس لتنفيذ شروطه بما يسمح لهما بالحصول على دعمه سواء النقدي أو العيني المتمثل في شهادة الثقة في الاقتصاد، إلى ما قد يكون هجوماً عليه من جانب البلدين وتأكيدات بلهجة تكاد تكون مشتركة بأنَّ مطالبه تمس الأمن القومي.
أحدث الردود جاءت من الرئيس التونسي قيس سعيد، إذ أبلغ مديرة الصندوق خلال اجتماع في باريس أمس أنَّ شروط الصندوق لتقديم الدعم المالي للدولة الواقعة في شمال أفريقيا تهدد بإثارة اضطرابات اجتماعية في البلد بحسب الشرق بلومبرج.
أكد أنَّ أي خفض للدعم، خاصة الطاقة والغذاء، يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة، مذكراً بالاحتجاجات الدامية التي هزت تونس عام 1983 بعد أن رفعت الحكومة آنذاك سعر الخبز، وفق بيان للرئاسة التونسية نقلته وكالة “رويترز”.
وتعثرت المحادثات بين تونس والصندوق بشأن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار منذ أكتوبر من العام الماضي عندما توصلت تونس وصندوق النقد إلى اتفاق على مستوى الخبراء، بعد أن رفض سعيد بشكل قاطع فكرة خفض الدعم وبيع شركات مملوكة للدولة.
تصريحات سعيد جاءت بعد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي طالب فيه ضمنياً صندوق النقد الدولي بتفهم ظروف بلاده، بعد أن قال إنَّ سعر الصرف في بلاده أصبح “أمناً قومياً”، كما لا يمكن لحكومته الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
يأتي حديث الرئيس السيسي بعد إرجاء المراجعة الأولى لعدم تنفيذ مصر التي تحتاج للسيولة الدولارية للطلبات التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، وكان أهمها سعر الصرف المرن، وتنفيذ برنامج لبيع شركات مملوكة للدولة.
يبدو أنَّ المفاوضات عادت مع صندوق النقد بشأن الإصلاح الاقتصادي وشروطه، إذ تعمل تونس حالياً مع الصندوق على برنامج عادل يأخذ في الحسبان الفئات الأشد احتياجاً، وفق محافظ البنك المركزي مروان العباسي الجمعة الماضية.
لكنَّ الوضع غير واضح في مصر، التي تعمل على قدم وساق في برنامج الطروحات الحكومية أملاً في تعزيز مواردها الدولارية. ووقَّعت اتفاقاً هذا الأسبوع مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي لتكون مستشاراً استراتيجياً لبرنامج الطروحات في خطوةٍ قد تنعش الآمال تجاه الملف الذي يتعرّض لانتقادات واسعة من قبل صندوق النقد الدولي لتباطؤ الحكومة في تنفيذه.
لم يقم صندوق النقد الدولي بمراجعته الأولى لبرنامج الدعم المقدّم لمصر، التي كان يُفترض أن تتم منتصف مارس الماضي، لكنَّه قال إنَّه يخوض نقاشات جيدة جداً مع السلطات المصرية التي تتخذ الخطوات المناسبة، بحسب تصريحات سابقة لمديرة الصندوق لـ”اقتصاد الشرق”.
اتخذت مصر خطوة أخرى الأسبوع الماضي لتعزيز موقفها مع صندوق النقد، إذ وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، ضمن خطط تحسين مناخ الاستثمار، ودعم مشاركة القطاع الخاص في مختلف الأنشطة الاقتصادية بكفالة فرص عادلة.
وهذه الخطوة كانت مصر قد تعهدت بها لصندوق النقد ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.
المصدر : بلومبرج الشرق